هل هي محاماة عن النساء فقط؟ هل ستقتنع المحاميات بذلك ؟
توصلنا في المقال السابق إلى أن الدافع الأول للمطالبة بتمكين المرأة من ممارسة المحاماة، كمهنة بتصريح، هو الرغبة في المطالبة بحقوق المرأة، و الدفاع عنها، و توصلنا إلى أن التعويل على هذا المبرر و اتخاذه هدفا مقصودا لا جدوى فيه لعدة أسباب ذكرناها سابقا، و يضاف عليها أن قضايا الأحوال الشخصية من أقل القضايا احتياجا لمن يتولاها نيابة عن صاحبها.
نظرة في الميدان
و بالنظر إلى ميدان العمل في مهنة المحاماة نجد أنه يدور بين أقطاب الدوائر القضائية بالدرجة الأولى، بالإضافة إلى جهات التحقيق، و الجهات التنفيذية و الأمنية. و بنظرة واقعية إلى حال الدوائر الحكومية اليوم و حال كثير من الموظفين مع المراجعات نجد أن ثمة معضلة حقيقية في التواصل الحضاري بين الموظف و المراجعة، إذ إن حال المرأة في هذه الظروف يتنازعها ثلاثة أقطاب، بين قطب ينظر للمرأة على أنها مخلوق غريب هبط للتو من كوكب بعيد، و بمجرد أن يلمح امرأة تراجع في دائرة تنقدح في ذهنه كل الظنون السيئة فيها، و بذلك يتخذ إجراءات سريعة في إبعادها عن حياض دائرته و مطالبتها بأن تنيب رجلا في المراجعة بدلا عنها و لن تفلح كل المبررات التي قد تبديها المرأة ليقبل بإنهاء موضوعها و التنازل عن عنجهيته.
و بين قطب ثانٍ يرحب بالمرأة ترحيبا مشبوها، بحفاوة بالغة! و بأسلوب ينبئ عن خبيئة خبيثة! وراءها ما وراءها، و كثيرا ما ترتفع الشكاوى من عينة من ضعاف النفوس يستغلون حاجات النساء و تبدأ بعد ذلك مسلسلات الابتزاز و التهديد، و تحصل مآس تطوى و لا تروى!، يفضل أصحابها السكوت حتى لا تنطلق الشائعات هنا و هناك بلا حد و لا ضابط.
و بين قطب ثالث يتعامل مع المرأة المراجعة بأسلوب أبوي مشفق صادق، و يخشى عليها من النظرات التي تنهشها هنا و هناك ، لذا تجده يذلل أمامها كل الصعاب، و يقدم لها كل ما في وسعه، سواء كان في حدود صلاحياته أو تجاوز في تلك الصلاحيات قليلا ليتوسط لها في إدارات أخرى ليتم إنجاز موضوعها.
و في نظري أن كل تلك الأقطاب لم تصب الحق، فهي بين متعد، و مجانف، و مشفق!! و دوافعها إما غريزة محروم! ، أو حذر متشائم!، أو عاطفة جياشة. و كل هذه الآفات الثلاث تضرب في عضد العمل الحكومي و تحيد به عن جادة الصواب و تشعل الخلافات و الفتن في كل مكان.
و أما الصواب في ذلك.. فهو عزل العمل الحكومي عن المؤثرات المفسدة لسيره ، و لا يعني ذلك أن يكون التعامل مع الرجال و النساء على حد السواء، بل يكون بعقلانية مؤيدة بضمير مبصر يراقب الله في السر و العلن، و يقدر لكل قدره. و حتى نصل إلى هذا الهدف السامي، فإن الطريق أمام المحاميات شاق طويل و العقبات فيه كؤودة، لا يمكن إغفالها.
* قاض بالمحكمة العامة في جدة
alrazeen2010@gmail.com
توصلنا في المقال السابق إلى أن الدافع الأول للمطالبة بتمكين المرأة من ممارسة المحاماة، كمهنة بتصريح، هو الرغبة في المطالبة بحقوق المرأة، و الدفاع عنها، و توصلنا إلى أن التعويل على هذا المبرر و اتخاذه هدفا مقصودا لا جدوى فيه لعدة أسباب ذكرناها سابقا، و يضاف عليها أن قضايا الأحوال الشخصية من أقل القضايا احتياجا لمن يتولاها نيابة عن صاحبها.
نظرة في الميدان
و بالنظر إلى ميدان العمل في مهنة المحاماة نجد أنه يدور بين أقطاب الدوائر القضائية بالدرجة الأولى، بالإضافة إلى جهات التحقيق، و الجهات التنفيذية و الأمنية. و بنظرة واقعية إلى حال الدوائر الحكومية اليوم و حال كثير من الموظفين مع المراجعات نجد أن ثمة معضلة حقيقية في التواصل الحضاري بين الموظف و المراجعة، إذ إن حال المرأة في هذه الظروف يتنازعها ثلاثة أقطاب، بين قطب ينظر للمرأة على أنها مخلوق غريب هبط للتو من كوكب بعيد، و بمجرد أن يلمح امرأة تراجع في دائرة تنقدح في ذهنه كل الظنون السيئة فيها، و بذلك يتخذ إجراءات سريعة في إبعادها عن حياض دائرته و مطالبتها بأن تنيب رجلا في المراجعة بدلا عنها و لن تفلح كل المبررات التي قد تبديها المرأة ليقبل بإنهاء موضوعها و التنازل عن عنجهيته.
و بين قطب ثانٍ يرحب بالمرأة ترحيبا مشبوها، بحفاوة بالغة! و بأسلوب ينبئ عن خبيئة خبيثة! وراءها ما وراءها، و كثيرا ما ترتفع الشكاوى من عينة من ضعاف النفوس يستغلون حاجات النساء و تبدأ بعد ذلك مسلسلات الابتزاز و التهديد، و تحصل مآس تطوى و لا تروى!، يفضل أصحابها السكوت حتى لا تنطلق الشائعات هنا و هناك بلا حد و لا ضابط.
و بين قطب ثالث يتعامل مع المرأة المراجعة بأسلوب أبوي مشفق صادق، و يخشى عليها من النظرات التي تنهشها هنا و هناك ، لذا تجده يذلل أمامها كل الصعاب، و يقدم لها كل ما في وسعه، سواء كان في حدود صلاحياته أو تجاوز في تلك الصلاحيات قليلا ليتوسط لها في إدارات أخرى ليتم إنجاز موضوعها.
و في نظري أن كل تلك الأقطاب لم تصب الحق، فهي بين متعد، و مجانف، و مشفق!! و دوافعها إما غريزة محروم! ، أو حذر متشائم!، أو عاطفة جياشة. و كل هذه الآفات الثلاث تضرب في عضد العمل الحكومي و تحيد به عن جادة الصواب و تشعل الخلافات و الفتن في كل مكان.
و أما الصواب في ذلك.. فهو عزل العمل الحكومي عن المؤثرات المفسدة لسيره ، و لا يعني ذلك أن يكون التعامل مع الرجال و النساء على حد السواء، بل يكون بعقلانية مؤيدة بضمير مبصر يراقب الله في السر و العلن، و يقدر لكل قدره. و حتى نصل إلى هذا الهدف السامي، فإن الطريق أمام المحاميات شاق طويل و العقبات فيه كؤودة، لا يمكن إغفالها.
* قاض بالمحكمة العامة في جدة
alrazeen2010@gmail.com